رؤى
بقلمي الأحد بتاريخ 26/2 في جريدة الوطن بالصفحة الثقافية والفنية مقالة تحت عنوان : ويبقى طالب اليوم معلم الغد
تعد نقطة ارتكازي في طفولتي وشبابي لم أشك لحظة في حبي لها، كل تاريخي شاهد على باكورة حبي الثابتة في عمق شراييني التي تت...دفق من خلالها مع كل نقطة اخطها بكريات دمي لتنسكب في تفاصيل حياتي العلمية والعملية، بدء من رائحة الكتب بحقيبتي المدرسية في بداية كل عام دراسي وملمس أصابعي الغضة على قلم الرصاص حين كانت أمي تساعدني في حل واجباتي المنزلية، وحتى صوت الديك مع طلوع الفجر، وانسكاب قطرات الندى على المروج الخضراء، حين ارتشف مع كل صباح طعم الشاي في الفنجان، مع كل تلك الأزمنة الوردية لا زلت أذكر فرحتي بعام دراسي جديد واستحضر ذكرياتي مع كل واحدة من معلماتي منذ الصف الأول وحتى الثانوية العامة، الآن أحاول ان ارسم لكم صورة عامة عما أتحدث عنه!! محور حديثي هو وزارة التربية والتعليم هذه الوزارة التي لها من القدسية والسيادة ما يعجز قلمي عن وصف مقاييس ومواصفات يفيها حقها، وتجف المحابر عن مدى التعبير لمكنونات حبي لها، منذ نعومة أظفاري أحاول ان اجد لغة بلاغية اختصر بها المكتوب في شهاداتي الدراسية لحظة اعلان النتائج. إنني اطرز بخيطان ذاكرتي على تراب وطني أول مدرسة بتراب وطني انتميت إليها، وعلى محطة طابور الصباح بدفتر دروسي اسحب ذاكرتي، أرسم على الأفق ذلك الوجه المنير لأول معلمة قابلتها في طفولتي ينساب من بين أصابعها الناعمة غبار الطباشير على اللوح السبوري، يأخذني إلى عالم آخر واسع الأفق متعدد الألون على نشيد السلام السلطاني ليحلق على سماء بلادي علم بأجمل الألوان يزينه خنجر اهتف من خلاله بصوت عال عاشت بلادي سلطنة عمان، مازلت اذكر حتى ألوان ثيابي التي لبستها في مدرستي في سنوات مراحل دراستي وشكل الحقيبة براحة يدي حينا والمعلقة بكتفي حينا آخر، إن ذكريات المدرسة محفورة بعمق ذاكرتي لحظة ان اقف أمام مرآتي أتأمل تقاسيم وجهي من خلال عقارب ساعات الزمن في كل مرحلة عمرية من مراحل حياتي منذ ان تعلمت ان ارسم بحرا واسعا مع الأحرف الهجائية، وبستان أخضر مزروع بكتاب اللغة العربية، ومنذ ان اتسابق مع صديقتي على سورة الإخلاص والفاتحة بكتاب التربية الإسلامية، وحين تعلمت من الدراسات الاجتماعية ان الأرض كروية في عيوني لا زلت اذكر زورق الأمنيات التي أبحرت به حين تمنيت ان اكون بكل قناعاتي معلمة بوزارة التربية والتعليم، والسؤال الذي يخيم على عالمي بهل يمكن أن تتحقق تلك الأمنيات؟ ومع كل لحظة أمينات انتظر فيلق صبح يتنفس وتباشير زمن يهل بتحقيق الأمنيات وعلى صفحة خريطة بلادي اصبح المستحيل بالإرادة ممكن، واصبحت طالبة الأمس هي معلمة اليوم، والمقعد الذي جلست فيه بالأمس أنهل من معين معلمة تمنيت أن اكون في نفس موقفها على مسرح الحياة في موقف صفي اصبح فيه طالبا آخر ربما تمنى بلحظة ان يكون يوما ما مكاني لقد حملت المستحيل في يدي واتخذته جسرا لطموحي وتحقيق أحلامي، كان بوسعي التراجع دون الشعور بقيمة الوقت والساعات، ولكن تراب وطني وماضي أجدادي هو ما دفعني ان اجعل من الطباشير بين إصبعي قيثارة بواسطتها تعزف مختلف ألحان أبجديات المعرفة في كل موقف صفي دون أن اتجمل او اتصنع او اتكلف، لقد رسمت من القلم الأحمر نجمة مضيئة تنير الطريق لكل تلميذ بين يدي، وعلى بلور إبتسامة تلميذ إبتسمت شفاهي، عشقت التربية والتعليم بجدرانها شبرا شبرا، وأسوار مدارسها بالنسبة لي منارات اضاءت يومي وغدي، رائحة مناهجها كرذاذ عطر أبحر بدمي، وكل طالب علم وطالبة هم بالنسبة لي كاللؤلؤ المخبوء والمزروع بأعماقي ليكمل الرحلة من بعدي على تراب وطني، عجبت لحب لم اعرف غيره كهذا الحب! لكنها وبكل ثقة اجابتني: انظري لبراءة كل تلميذ عند التحاقه بمدرستك عند كل صباح جميل يتغنى بالحب لحظة طابور الصباح لوطنه، ومع كل زمن تجاوزت فيه اليأس والإحباط ان افشل او أخفق امام طلابي، لقد خرجت من جلباب الجهل على طاولة وكرسي، ممسكة بكتاب وقلم اداعب عقل كل تلميذ حتى يقرأ مصحفا وجريدة ويرسم مدينة حبلى ببسمة كل طالب علم يحمل حقيبة انفاسه تلهج معي بلسان الضاد ذكرياته صارخة بالألوان يغني للربيع مرددا لحنا جميلا حين يقول: أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا من الحسن حتى كاد ان يتكلما وهناك في الركن الآخر تلميذ آخر يردد يا نهضة جبارة بعمان. قامت مبادئها على الايمان ومع صرخة حماس كل تلميذ بمدرستي أدمنت شيئا اسمه المدرسة، وأحببت معها كل تلميذ، وعشقت عملي في وزارة التربية والتعليم، حتى تلك الرائحة المنبثقة من عادم حافلات المدرسة التي تقل كل تلميذ لها شيء يميزها بداخل نفسي، شعرت بأن سعادتي مرهونة مع كل تلميذ يجيد القراءة، وأن التعب الذي بداخلي لا يساويه شيئا امام طالب يحفظ آية او حديث، وان الوقت يمر سريعا حين أشاهد تلميذ الصف الأول قد كتب حروف اسمه وقام بتجريدها، ورغم ان كل ذلك كان حلما بالنسبة لي، إلا اني لم اصدق انه كان حقيقة الا عندما اسمع وانا بمكتبي كل طالب يردد كلمتي فارس وسعاد ومن بعدها فادي وريم، وتزداد سعادتي لحظة الاذاعة المدرسية عندما ارى الطلاب قد اعتادوا بكل ثقة على مواجهة الجمهور بعدها مهما بحثت من قول يكافئ ذلك اقول: شكرًا لك يا وزارة التربية والتعليم يا اسما فاق كل المعاني لقد عجزت ان افيك حقك، إن إسمك منحوت بداخلي تشهد عليه اضواء مدرستي، والتي تحملني امواجها على الولاء والوفاء تحت ثرى كل تلميذ وتلميذة وطئت رجله أعتاب أبوابها، ان لك يا وزارة التربية والتعليم الموقرة سلام ثابت من قلب محب لا يعرف سوى الولاء، شاهدة على ذلك تلك المخرجات المتتالية على ارض هذا الوطن المعطاء، حتى اصبحوا فرسانا يشهده عصر حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي وعد فأوفى ونفض الجهل فعم الضياء واصبحت عمان بالتعليم شامخة بعزة وكبرياء كالنجم في أعالي السماء.
السهاد البوسعيدية
بقلمي الأحد بتاريخ 26/2 في جريدة الوطن بالصفحة الثقافية والفنية مقالة تحت عنوان : ويبقى طالب اليوم معلم الغد
تعد نقطة ارتكازي في طفولتي وشبابي لم أشك لحظة في حبي لها، كل تاريخي شاهد على باكورة حبي الثابتة في عمق شراييني التي تت...دفق من خلالها مع كل نقطة اخطها بكريات دمي لتنسكب في تفاصيل حياتي العلمية والعملية، بدء من رائحة الكتب بحقيبتي المدرسية في بداية كل عام دراسي وملمس أصابعي الغضة على قلم الرصاص حين كانت أمي تساعدني في حل واجباتي المنزلية، وحتى صوت الديك مع طلوع الفجر، وانسكاب قطرات الندى على المروج الخضراء، حين ارتشف مع كل صباح طعم الشاي في الفنجان، مع كل تلك الأزمنة الوردية لا زلت أذكر فرحتي بعام دراسي جديد واستحضر ذكرياتي مع كل واحدة من معلماتي منذ الصف الأول وحتى الثانوية العامة، الآن أحاول ان ارسم لكم صورة عامة عما أتحدث عنه!! محور حديثي هو وزارة التربية والتعليم هذه الوزارة التي لها من القدسية والسيادة ما يعجز قلمي عن وصف مقاييس ومواصفات يفيها حقها، وتجف المحابر عن مدى التعبير لمكنونات حبي لها، منذ نعومة أظفاري أحاول ان اجد لغة بلاغية اختصر بها المكتوب في شهاداتي الدراسية لحظة اعلان النتائج. إنني اطرز بخيطان ذاكرتي على تراب وطني أول مدرسة بتراب وطني انتميت إليها، وعلى محطة طابور الصباح بدفتر دروسي اسحب ذاكرتي، أرسم على الأفق ذلك الوجه المنير لأول معلمة قابلتها في طفولتي ينساب من بين أصابعها الناعمة غبار الطباشير على اللوح السبوري، يأخذني إلى عالم آخر واسع الأفق متعدد الألون على نشيد السلام السلطاني ليحلق على سماء بلادي علم بأجمل الألوان يزينه خنجر اهتف من خلاله بصوت عال عاشت بلادي سلطنة عمان، مازلت اذكر حتى ألوان ثيابي التي لبستها في مدرستي في سنوات مراحل دراستي وشكل الحقيبة براحة يدي حينا والمعلقة بكتفي حينا آخر، إن ذكريات المدرسة محفورة بعمق ذاكرتي لحظة ان اقف أمام مرآتي أتأمل تقاسيم وجهي من خلال عقارب ساعات الزمن في كل مرحلة عمرية من مراحل حياتي منذ ان تعلمت ان ارسم بحرا واسعا مع الأحرف الهجائية، وبستان أخضر مزروع بكتاب اللغة العربية، ومنذ ان اتسابق مع صديقتي على سورة الإخلاص والفاتحة بكتاب التربية الإسلامية، وحين تعلمت من الدراسات الاجتماعية ان الأرض كروية في عيوني لا زلت اذكر زورق الأمنيات التي أبحرت به حين تمنيت ان اكون بكل قناعاتي معلمة بوزارة التربية والتعليم، والسؤال الذي يخيم على عالمي بهل يمكن أن تتحقق تلك الأمنيات؟ ومع كل لحظة أمينات انتظر فيلق صبح يتنفس وتباشير زمن يهل بتحقيق الأمنيات وعلى صفحة خريطة بلادي اصبح المستحيل بالإرادة ممكن، واصبحت طالبة الأمس هي معلمة اليوم، والمقعد الذي جلست فيه بالأمس أنهل من معين معلمة تمنيت أن اكون في نفس موقفها على مسرح الحياة في موقف صفي اصبح فيه طالبا آخر ربما تمنى بلحظة ان يكون يوما ما مكاني لقد حملت المستحيل في يدي واتخذته جسرا لطموحي وتحقيق أحلامي، كان بوسعي التراجع دون الشعور بقيمة الوقت والساعات، ولكن تراب وطني وماضي أجدادي هو ما دفعني ان اجعل من الطباشير بين إصبعي قيثارة بواسطتها تعزف مختلف ألحان أبجديات المعرفة في كل موقف صفي دون أن اتجمل او اتصنع او اتكلف، لقد رسمت من القلم الأحمر نجمة مضيئة تنير الطريق لكل تلميذ بين يدي، وعلى بلور إبتسامة تلميذ إبتسمت شفاهي، عشقت التربية والتعليم بجدرانها شبرا شبرا، وأسوار مدارسها بالنسبة لي منارات اضاءت يومي وغدي، رائحة مناهجها كرذاذ عطر أبحر بدمي، وكل طالب علم وطالبة هم بالنسبة لي كاللؤلؤ المخبوء والمزروع بأعماقي ليكمل الرحلة من بعدي على تراب وطني، عجبت لحب لم اعرف غيره كهذا الحب! لكنها وبكل ثقة اجابتني: انظري لبراءة كل تلميذ عند التحاقه بمدرستك عند كل صباح جميل يتغنى بالحب لحظة طابور الصباح لوطنه، ومع كل زمن تجاوزت فيه اليأس والإحباط ان افشل او أخفق امام طلابي، لقد خرجت من جلباب الجهل على طاولة وكرسي، ممسكة بكتاب وقلم اداعب عقل كل تلميذ حتى يقرأ مصحفا وجريدة ويرسم مدينة حبلى ببسمة كل طالب علم يحمل حقيبة انفاسه تلهج معي بلسان الضاد ذكرياته صارخة بالألوان يغني للربيع مرددا لحنا جميلا حين يقول: أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا من الحسن حتى كاد ان يتكلما وهناك في الركن الآخر تلميذ آخر يردد يا نهضة جبارة بعمان. قامت مبادئها على الايمان ومع صرخة حماس كل تلميذ بمدرستي أدمنت شيئا اسمه المدرسة، وأحببت معها كل تلميذ، وعشقت عملي في وزارة التربية والتعليم، حتى تلك الرائحة المنبثقة من عادم حافلات المدرسة التي تقل كل تلميذ لها شيء يميزها بداخل نفسي، شعرت بأن سعادتي مرهونة مع كل تلميذ يجيد القراءة، وأن التعب الذي بداخلي لا يساويه شيئا امام طالب يحفظ آية او حديث، وان الوقت يمر سريعا حين أشاهد تلميذ الصف الأول قد كتب حروف اسمه وقام بتجريدها، ورغم ان كل ذلك كان حلما بالنسبة لي، إلا اني لم اصدق انه كان حقيقة الا عندما اسمع وانا بمكتبي كل طالب يردد كلمتي فارس وسعاد ومن بعدها فادي وريم، وتزداد سعادتي لحظة الاذاعة المدرسية عندما ارى الطلاب قد اعتادوا بكل ثقة على مواجهة الجمهور بعدها مهما بحثت من قول يكافئ ذلك اقول: شكرًا لك يا وزارة التربية والتعليم يا اسما فاق كل المعاني لقد عجزت ان افيك حقك، إن إسمك منحوت بداخلي تشهد عليه اضواء مدرستي، والتي تحملني امواجها على الولاء والوفاء تحت ثرى كل تلميذ وتلميذة وطئت رجله أعتاب أبوابها، ان لك يا وزارة التربية والتعليم الموقرة سلام ثابت من قلب محب لا يعرف سوى الولاء، شاهدة على ذلك تلك المخرجات المتتالية على ارض هذا الوطن المعطاء، حتى اصبحوا فرسانا يشهده عصر حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي وعد فأوفى ونفض الجهل فعم الضياء واصبحت عمان بالتعليم شامخة بعزة وكبرياء كالنجم في أعالي السماء.
السهاد البوسعيدية