بقلمي : نحن بحاجة إلى غذاء الروح قبل غذاء البطن

قديما كانت المعيشة بسيطة والحياة ضيقة وعندما أقول الحياة ضيقة لا اقصد بها تلك الحياة الخالية من البهجة والراحة والسرور ، بل بالعكس رغم بيوت الشعر وأكل فتات الخبز ، وشرب الماء من الزير ، إلا أننا نجد البهجة في الأشعار العذرية والحماسية التي تقرأ وتجذب أنظار السامعين ، وكانت المساجد عامرة بالعبادة في كل صلاة حاضرة تسمع فيها عند المرور في الأزقة ومفترق الطرق بجانب المساجد اصوات القرآن التي تتلى والتكبير الذي يردد ، كان قدح الفخار من اللبن يروي ويسد الرمق ، تلك هي حياة برغم بدائيتها المقامة من اوتاد الخيام والمنحوتة من بيوت الطين حياة جميلة كانت النفوس تعيش على الرضى والقناعة بما قسم الله تعالى فكان الخبز واللبن والتمر هو غذاء الجسم ، وكانت العبادة وكثرة الصلاة وتلاوة القرآن هو غذاء روحي ، هناك وجد التآلف والتراحم وحسن الجوار ،وعرف حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : " حب لأخيك ما تحبه لنفسك "فإن غاب جارك تبعته وإن مرض عدته وإن إحتاج أقرضته ، كانت وسائل النقل الحمير والخيول والجمال ، الجمل هو الطيارة وليس الكونكورد، والحمار والحصان هو السيارة ، كانت رحلاتهم عبارة عن رحلة إلى مزرعة لحصاد الثمر وجني محصول النخيل وكانت فنادقهم نصب عريش القيظ حتى الإنتهاء من التبسيل وجني التمور ، مر الزمان بما فيه حيث تغيرت نمطية الحياة تغير جذري في زمن كثرت فيه المنغصات ، وتحولت حياتنا إلى شرذمة من الإنفعلات والتوتر والقلق ، لما صاحبها من تغيير في المعيشة وتحول في التكنولوجيا ، في وقت كثرت الإرهاصات والديون التي كسرت الظهر وقصمت وسط البعير ، فنحن بحاجة إلى غذاء للروح والقلب معا ، هنا بات الإنسان يعيش حياة الكم وليس الكيف !!
كم رصيدا في البنك جمع ؟
كم بيتاً قد إشترى وأجر ؟
كم أرضاً يود بيعها ؟
كم زوجة يود أن يتزوج ؟
قال تعالى : " لقد خلقنا الإنسان في كبد "
لو كان يعلم ان الرزق بيد الله لما عانى وفكر ، وعاش في مكابدة طوال حياته .
تجده ينام في قصر اعظم من قصور كسرى وقيصر في تلك الحقبة من الزمن وعلى فراش من الحرير والنعام ، اصبحت لديه وسيلة نقل تقله في غمضة عين وانتباهتها من مكان إلى آخر ، اصبح بدلا من القصائد الملقاة التي تتغنى بها يستمع إلى نانسي عجرم ، وهيفاء وهبي ، ومحمد عبده بكبسة زر ، ولكن بالمقابل من ذلك دفع من حياته الكثير وكلفه بين عشية وضحاها ذلك غاليا ،
دفع من تفكيره ، دفع من صحته وافنى شبابه وهو يقارع أزرار الكمبيوتر ،ويصارع أزرار ماكينة السحب الآلي للبنوك ،
أعانك الله أيها الإنسان ما اشقاك ،
قارن بين هاتين :
طائرة السابقين الجمل يقطع بها الصحراء وهو يترنم بالغناء والتغاريد ،
وطائرة اليوم الكونكورد : وهو راكباً يرجف متى يصل حتى لا تنتهي حياته وهو محلقاً بين سماء وأرض
سيارة السابقين حمار، وإن تطورت حصان مكان مرسيدس وبي أم دبليو الآن وقد زين بالفضة ،وسيارات اليوم : المرسيدس والأودي وبي أم دبليو ، ومع ذلك حولة معظم شبابنا من أحياء إلى أموات وقضت على عوائل بأكملها ،
إذا ما الحل حتى نتخلص من ضغط الحياة وما صاحبها من مشاق وإرهاق للذهن والفكر ؟
الحل هو أن نرجع إلى غذاء الروح كما نغذي البطن ، بحاجة للتمسك بالعبادة وأن نجعلها واجب وفرض لا عادة فالخوف عندما تتحول العبادة إلى عادة،الحل اللجوء إلى الصلاة بإنكسار لله وخضوع ، والحل بتلاوة القرآن آناء الليل وأطراف النهار بخشية حتى تكون من ممن قال فيهم الرسول الكريم في حديثه القدسي : " ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه "،
وهكذا هي الحياة مازالت مستمرة رغم انها لم ولن يكتب لها الخلود ولكن :
هي الأمور كما شاهدتها دول *** فمن سره زمن سائته ازمان
بقلمي : السهاد