نشرة الأخبار

آخر المواضيع

السبت، 29 يونيو 2013

وردة دامية على جدران سيريانية


كمن ينتظر عزيزا مسافر يعود لوطنه وقفت تطل من نافذتها كانت السحب تحجب الشمس في السماء وفجأة إستدارت واتجهت نحو الباب فتحته علها تسعد بخطوة إنسان مسافر قادم بعد سنين طوته رياح الغربة وايقظته نسمات الشوق ليعود سريعا قبل ان تنساه مع بقية الاسماء مع نزيف الوقت ومرور الزمن إنتظرت منه رسالة سنين طويلة  لتخاطب  فيها مع كل حرف النجوم المضيئة بسماء شتوية من أشهر السنة حاولت وهو بعيدا عنها ان تلتحق بالمدرسة السريانية فعكفت على دراسة المسيحية وترجمت نصوصها اليونانية  واجهتها مشاكل جمة منها عدم وجود نصوص بلغتها الاصلية رغم ان دراسة الادب السرياني يعتبر من الدراسات السامية  الثرية ومفتاح دراسة المسيحية كانت ضليعة في دراسة القانون وقصص القديسين ورسخت جذورها في دراسة الفلسفة ولكنه بقي طيفه يسامرها بكل ليلة قمراء تعد خلالها أعقاب السجائر  وتنتحب على خطوات مسافر بكت طويلا على ايام وليالي ودهرا بأكمله أطاح بحلمها بدأت تخط أرقاما واحرف سريالية فوق الرمال فتأتي الرياح فتذروه هشيما فعاودت ما تكتبه فوق كراس الحساب وسجل التاريخ لتبقيه طويلا تماني نفسها به عله يجدي نفعا تختلف عن جنس حواء  بأنها تعشق الوطن وتحب العدالة وتنبذ الظلم فكونت لها جبهة من الأعداء لقلة من يفهم بما تفكر به ، تتمنى أن تحتفظ بصديقة واحدة في حياتها وتبقيها معها تحمل بجانبها هموم الايام ولأنها تعشق الفضائل في موطن تكاد الفضيلة فيه تتسرب وتتلاشى  يفضل الكثير أن يكونوا بعيدين عنها فليس الجميع يفهم نمطية ما تفكر به ، شعرت ذات مرة بأنها تمسك بالورقة والقلم تكتب لترضي الناس فجرحت إصبعها حزنا لما تكتب حتى إصطبغت الورقة بلون الدم فتركت الكتابة خمسة اشهر  إنزوت للوحدة رغم شوقها لما تكتبه عاتبت نفسها وتمنت ان تملك ربيعا من فصول السنة ينقلها من حيث بدأت مشوار حياتها لتصلح ما افسده الزمن  فتكتب في لحظة عشق كل معاني سامية وحين وقفت لتتأمل قيم الناس ومبادئهم وجدت نفسها امام سكارى باعوا القيم وثوب الفضيلة واستبدلوها بالغش مرتدين أقنعة تداري قبح وجوههم  أصيبت بإرتعاش الكف متهاوية كعصفور قصت جناحاه  فشعرت بنفسها كمومياء حنطها القدر في عصر فرعوني تحاول فك رموز الهيروغليفية على جدران معابد الأقصر انتابتها لحظة من الجنون بأنها نفرتيتي النيل في عهد الفرعون تحاول أن تنكر الماضي وتطوي المبادئ والمثل  وبلحظة تتغير فيها خطوط العرض والطول تمنت أن تلفظها الارض مع من لفظت من أبنائها إذ كيف للفضيلة أن تداس بالأقدام  سحبت أوراقها ومحبرتها وبدأت تصوغ مرثيتها في شهر نيسان كوردة دامية جفت رائحة عطرها فأتت مراثيها في قواميس عجيبة لا يفهمها سوى اصحاب المثل العالية  وبداخل نفسها تعلم بأنه لن يقاسمها احد سنين القحط والجدب في وطن جفت فيه المواطنة ويبست فأصبحت هشيما تذروها الرياح عاشت وبداخلها صراع واحتراق وغربة منفى في زمن الحرية حملت هم  الوطن بدمها تجوب شوارع الليل يلونها القمر ببلد لا تملك فيه سوى برد ومنفى رغم انه يساوي لها الكثير فبقيت ملتحفة بأغطية الظلام تجر أنفاس الحزن  يتكابل عليها المرض اصبح عقلها مغيب ودمها مسرطن  كركام جثة تستدعي حانوتيا ليحضر لها التابوت وعلى حافة النسيان نسيت نفسها لم تجد صدرا يضمها بحثت عن رائحة الأهل وابتسامة الرفاق  ولكنها لم تجد كفا يلامس كفها حتى تبلدت مشاعرها وفطمت أفكارها وبقيت كملحمة على أرصفة مغطاة بألواح الثلج تنتظر خيال مسافر وقع عقد هجرة في بلاد المهجر بعد ان باع ارضه وأدار ظهره لوطنه حاملا حقائبه بعد اليأس دون عودة كقتيل يلفظ أنفاسه حول كنيسة القيامة تحلق عليه أسراب من الطيور حاولت أن تغمض عينيها لترى ماذا حمل المسافر معه من متاع  فرأت بوابة مكدسة على اقفالها الاوراق تلونها الدماء تتعالى صرخاتها أطراف البلاد  موقع عليها حزن وطن باع قومه الفضيلة مرتدين ثوب الرذيلة  فأصبحت هي كوردة دامية خرجت من بوابة الورق لتنجو بنفسها محتفظة بما بقي لها من قيم وفضيلة  تحاول ان تشعل شمعة في كل الجهات بقلم نازف علها تجد من يترجم نزف القلم ليبقى بعدها محتفظا بضوء شمعة  يكمل مشوار القيم والفضيلة كتبت على جدران سريانية مواجعها وقليلا من الأمنيات عبرت عن حزنها بقصيدة وأحرقت سجل التاريخ الذي بيعت فيه الفضيلة بعد ان عبرت عن ظلم وطن بيع بأبخس ثمن في عصر سرياني لتعلن صرخة أنثى رفضت أن تلبس لونا سوى لونها سقطت على تابوت السريانية وردة دامية فماتت مقتنعة بأن مبادئها لم تدنس .

بقلم : الســهــاد البوسعيدية
نشرت بجريدة الوطن ملحق أشرعة الثقافي