نشرة الأخبار

آخر المواضيع

الخميس، 17 نوفمبر 2011

بقلمي : شاهي


سألته ذات مرة أن كان يحبها أم أنه لا يعبهُ بها ؛ نظر إليها بإستغراب بعد أن ترك كأس الشاي جانبا ؛ وجلس بجانبها على طرف السرير ؛ كان السرير مرتفعا موشحاً بغطاء وردي ؛ وكان لم يمضي على زواجهما سوى بضعة أشهر ؛ أجابها نعم أحبك ، أحبك بكل جوارحي هل لديك شك في ذلك ؟ إبتسمت بإستحياء وهزت رأسها وسحبت خصلة من شعرها الأسود المنسدل على عينيها وهزت رقبتها وقالت : لا أعلم ذلك ،ولكني أحببت أن أسمعها منك ، إبتسم وقال لها الجو غائم ويبدوا أنه ممطر اليوم أخرجي لحديقة المنزل للهواء الطلق ريثما أعود فقد إستدعاني مالك لزيارته ، فتحت النافذة وشاهدت إختباء الشمس خلف أكوام السحب المتراكمة ثم أمسك بيدها وخرج معها إلى حديقة المنزل بعد أن أمر الخدم بإحضار الكعك والشاي الأخضر لها ؛ وهناك قبلها قبلة على جبينها وودعها ، أخذت تنظر للمروج الخضراء وتستمع لحفيف الشجر وكأنها سيمفونية عذبة تهمس بأذنيها وخرير الماء في نوافير المنزل يزيد الجو جمالا ، كانت تبدوا كملكة والضحكة لم تفارق شفتاها إن إبتسمت يخيل لك بأن اسنانها لآلئ بيضاء صفت متساوية ؛ وكان بياضها مشربا بالحمرة ،، وصلت خادمة المنزل ومعها الشاي والبسكويت بعد أن القت التحية عليها ، وقالت لها حفظك الله الذي عيناه لا تنام ، امسكت شاهي بيدها وكأنها تمسك بيد والدتها التي فقدتها منذ أن كانت طفلة ، فقد نشأت شاهي يتيمة ، ثم تركتها الخادمة وأنصرفت ، لم تستطع ان تترجم شاهي نظرة عاملة التنظيف بالمنزل لها ، كانت نظرتها غامضة ويبدوا عليها شيء من الغرابة ، كانت عجوز في منتصف الستين والشعر الأبيض يغطي مفرق شعرها الأمامي ،خيمت الغيوم على الجو واصبحت السماء ملبدة بغيوم سوداء والجو يبرق وصوت الرعد أكاد أجزم يخترق أذنيها كانت العصافير تتطاير مغردة من غصن لغصن والأزهار تعلوها قطرات الندى بدأ المطر في السقوط بغزارة أخذت بعضها ودخلت إلى المنزل، سمعت صوت غريب بغرفتها فوجدت زوجها جالسا على الأريكة ممسكا بكتاب بيده ، دهشت لقد كان قبل قليل خارجا من أمامها وقد إستقل سيارته ومعه السائق كيف عاد ومتى دخل ولم تره !!!
سألته لم يمضي على خروجك ربع ساعة وقد قلت بأنك ذاهب إلى مالك !! متى ذهبت وكيف عدت ؟ نظر لها نظرة تكاد تخترق جسمها وعينان غريبتان كنسر جارح وقال لها لا تسأليني ليس لك الحق في هذا !! فقالت شاهي ولكني ، فقاطعها وقال :ولكنك ماذا ؟ صمتت وقالت لا شيء بعد أن أمسكت رأسها وجلست على الكرسي المتحرك بجانب السرير ، قال لها جهزي لي الحمام أود الإستحمام وقفت تنادي الخادمة من أجل ذلك فهذا ليس عملها فهي لم تتعود على شغل المنزل فصرخ في وجهها ممسكاً شعرها بقوة وهي تتألم وقال : أنتي من تجهزي لي الحمام، قالت : حسناً ، بكت شاهي وتكاد دموعها تخنقها العبرة فهي لم تتعود من حسان ذلك ، رغم برودة الجو ونزول قطرات الندى والمطر الشديد وكانت ترتجف بالخارج إلا أنها دخلت غرفتها وهي ساخنة كالتنور من شدة الحرارة ، ذهبت لتجهز الحمام لحسان وعندما إنتهت جائت لتخبره بأن الحمام جاهز ، وفجأة لم تجده ،بحثت عنه في جميع أنحاء المنزل ولم تجده وسألت الخدم ما أن قد رأوه فأجابوها بإستغراب ، يا سيدتي لقد خرج سيدي حسان منذ قليل أمامك ولم يعد بعد ، باتت تفكر ترى ما الذي يحدث لها لقد رأته بغرفتها قبل قليل ،وفجأة فتح الباب وها هو حسان مبلل بالماء دخل وأمسك بيديها وأراد تقبيلها فأشاحت بوجهها عنه ، سألها ما بك يا حبيبتي ؟
قالت : هل نسيت ما فعلته بي بالغرفة قبل قليل ؟، عموماً إذهب فالحمام جاهز ، نظر حسان لها بغرابة وقطب حاجبيه وقال : الحمام ؟
أي حمام ؟ فقالت له أي حمام !! الم تطلب مني قبل دقائق أن أجهز لك الحمام لتستحم !! ضحك حسان وقال : شاهي حبيبتي هل تحلمين ؟ إقترب منها وضع يده على جبهتها وقال : هل تعانين من حمى أو سخونة ؟
قالت : لا 0 فقال لها إذا ما بك ؟ قالت لا شيء إنسى الأمر ،وفجأة وأمام الخدم سحب حسان شاهي من يدها وحملها بين ذراعية وصعد بها السلم إلى الأعلى وهي تحاول أن تنزل وتصرخ دعني أنزلني أرجوك ولكن حسان لم يكترث لصراخها حتى أدخلها الغرفة ورمى بها في السرير ، وفجأة توقف حسان وقال : ما هذه الحرارة الشديدة بداخل الغرفة ؟ وكأننا في صيف حارق ولسنا في شتاء قارس !!
قالت شاهي : لا أدري ،ثم نظر إلى الكتاب وقال لها : هل تقرأين كتب إفلاطون ؟ أنه كتابي الذي قرأته ثمان مرات كنت على وشك أن أخرجه من المكتبه الإسبوع المقبل لأعيره لمالك ،متى أخرجتيه ؟
نظرت شاهي بدهشة وغرابة لزوجها حسان وقالت : الم تكن هنا في هذا الكرسي قبل قليل وكنت تقرأ الكتاب نفسه وطلبت مني أن أحضر لك الحمام !! فقال لها أنا !! بالطبع لا ! وفجأة رأت شاهي شخصا يشبه زوجها واقفا بجانب زوجها تسمرت من الخوف فلم تعد تميز ايهما زوجها ، فقالت ما الذي يحدث ؟ خاطبها حسان ما بكي يا حبيبتي ؟
أنظرمن الذي يقف بجانبك ؟ نظر حسان هنا وهناك ولم يرى أحدا قال : أنتي من تقفين بجانبي ! قالت : لا ! احد غيرنا هنا واقف بجانبنا ، ضحك حسان ولم يصدق وفجأة رأى شاهي تبكي دما والدم يبلل خديها ! إرتعب حسان من منظر الدموع التي تقطر دما وفجأة إقترب من زوجته ليمسح دمعتها وأثناء ملامسته للدمعة تحولت الزوجة إلى فراشة !! جن جنون حسان ولم يستطع تفسير ما حدث أخذ يصرخ بأعلى صوته حتى تقافزت جدران الغرفة من صراخه  ،وفجأة فتح عيناه وزوجته واقفة أمامه مبللة ملابسها بالماء ، نظر إليها بخوف وإستغراب وقالت له : أخرج لترى المطر الجميل والجو البديع لقد أدركتك صلاة العصر ، فأيقن أنه كان في حلم .
بقلمي : السهاد