نشرة الأخبار

آخر المواضيع

قراءات ومعلومات عامة


أسرار أكتشاف مخطوطات كهوف قمْران جنوب أريحا .. سرد تاريخي بالصور! -
أي نقاش حول نهب الأثار والتُحف, والتي هي العثور على القِطع الأثرية خارج مهنية الحِفر, يجب أن يشمل القضية الأكثر أهمية في الشرق الأوسط, وهي "قضية أكتشاف مخطوطات البحر الميت".



خربة قمران على الخارطة

ففي وقت مُبكر من سنة 1947, وشتاء أواخر سنة 1946, كانَ الراعي محمد أحمد حامد التعامرة المُلقب بـ"محمد الذيب", يبحث عن عنزة مفقودة من قطيعه بمكان ليس بعيداً من أنقاض خربة قمْران المَعروفة للمُستكشفين الأوربيين منذُ القرن التاسع عشر على الجانب الشمالي الغربي من البحر الميت وعلى بعد ثمانية أميال جنوب أريحا, فرمى حصى من خلال أحدى فتحات الكهوف العالية وسمعَ صوت شيء يتكسر, فأكتشفَ أن الفتحة كبيرة بما يكفي لتُناسب حجم الأنسان, لكن هربَ سريعاً من المُكان للخشية من كون المغارة تسكنها الأرواح ! بحسب العالم الشاب جون تريفر.




محمد الذيب


وفي وقت لاحق, دعا الذيب أبن عمه ودخلا المغارة معاً ووجدوا ثماني جِرار بعضها لايزال غطاؤها فوقها, أخرجا الجِرار من المغارة وأخذا يُفتشان فيهم لعلهما يعثران على الذهب, وقد أصاباتهما خيبة أمل عندما لم يجدا سوى سبع لفائف جلد ملفوفة في قماش من الكتان فيها أعمدة من الكتابة لم يفهمها منها شيئاً, فقررَ الذيب أن ينقل اللفائف الى أسرته لعرضها عليهم, ثم أحتفظَ باللفائف مُعلقة على عمود خيمة, وأخذَ يعرضها على الناس الذين كانوا مُنشطرين حولها الى قسمين.




محمد الذيب وابن عمه




فأخذَّ البدو المخطوطات لتاجر في بيت لحم يُدعى "أبراهيم لجه", فعادَ اليهم أبراهيم قائلاً بأن اللفائف لا قيمة لها بعد أن حذرَ من أنها قد تكون مسروقة من أحدى الكُنس, فذهبَ البدو بأعصاب هادئة الى سوق مجاورة من أجل بيع اللفائف الى أحد المسيحيين السريان, ألا أن شيخ أنضمَ للمُحادثة واقترحَ أن تؤخذ المخطوطات الى خليل أسكندر شاهين الأسكافي وأحد تُجار التُحف, فعادَ البدو الى موقعهم تاركين شخصاً واحداً مع خليل, فبيعَ ثلاثة من اللفائف الى أحد التُجار بمبلغ 7 جنية أسترليني أي ما يُعادل تقريباً 29 دولار في الوقت الحاضر.




خليل اسكندر


ترتيبات بيع اللفائف مع البدو, تُركت بيد طرف ثالث حتى يُمكن التفاوض على بيع مُربح لها, وكانَ هذا الطرف الثالث يُدعى "جورج أشعيا" وهو عضو في الكنيسة الأرثوذوكسية السريانية, وأتصلَ الأخير بالدير سانت مارك على أمل الحصول على تقييم لطبيعة النصوص, وبعد أن أطلعَ المطران صموئيل أثناسيوس متروبوليتان المعروف بأسم "مار صموئيل" على المخطوطات, أعربَ عن مصلحته بشراءهم, فأصبحَ بين يدي صموئيل ثلاث مخطوطات للكهف الأول التي تتبع الديانة اليهودية, وربما كانت هذه المخطوطات تتبع طائفة الأسينيون التي أنعزلت عن بقية اليهود وسكنت في مدينة صغيرة في هذا المكان, ومن المرجح أن هذه المدينة التي سكنَ الأنسان بكهوفها قد تحطمت بفعل زلزال سنة31 قبل الميلاد وأعيدَ بناءها سنة 4 قبل الميلاد ليحرقها الرومان سنة 68 بعد الميلاد.


وفي التاسع والعشرين من نوفمبر تشرين الثاني سنة 1947, وهو يوم تصويت الأمم المتحدة لقرار تقسيم فلسطين وأنشاء دولة يهودية, باعَ صموئيل المخطوطات الثلاثة الى البرفسور أليعازر سوكينيك والبرفسور بنيامين مازار, أساتذة علم الأثار في الجامعة العبرية, وقد حملا المخطوطات من بيت لحم الى القدس في كيس من ورق, ولم يعلنا عنهما بتاتاً, وكتبَ البرفسور سوكينيك في مذكراته قائلاً: لعل هذا واحداً من أعظم الاكتشافات في فلسطين، وهو أكتشاف لم نكن لنطمح إليه.


وفي الحادي والعشرين من فبراير شباط من سنة 1948, اتَّصل رئيس أساقفة الدير، الذي لم يكن يعرف العبرية، بالمدرسة الأمريكية للبحوث الشرقية في القُدس وأخبرهم عن المخطوطات, وشاءت الأقدار أن مدير المدرسة في ذلك الوقت كان عالماً شاباً ومصوراً مُحترفاً يُدعي جون تريفر, وبجهد شاق قام بتصوير كل عمود من أعمدة المخطوطة الكبيرة لسفر إشعياء التي يصل طولها إلى 24 قدماً وعرضها قدما واحدا, كما قام بتحميض الأفلام بنفسه وأرسل بعض الصور منها بالبريد الجوي إلى الدكتور و.ف. ألبرايت في جامعة جونز هوبكنز، الذي كان يعتبر عميداً لعلماء الآثار الكتابية في أمريكا, وفي الحال أرسل رده بالبريد الجوي قائلاً: "تهاني القلبية على أكتشاف أعظم مخطوطة في عصرنا الحديث.. يا له من اكتشاف مذهل! لا يمكن أن يوجد ظل شك في العالم كله في أصالة هذه المخطوطة", وقال إنها ترجع إلى حوالي 100 قبل الميلاد.



صموئيل أثناسيوس متروبوليتان في المنتصف وبطرس سوامي على اليسار وجون تريفر على اليمين

فأشترى الأمريكيين المخطوطات الأربعة المتبقية من المطران صموئيل بمبلغ يُقدر بـ 250 دولار, وحُفظت هذه المخطوطات في الكونغرس الأمريكي, وفي الأول من حزيران يونيو سنة 1954 عرضت صحيفة وول ستريت جورنال أعلاناً لبيع "المخطوطات الأربع للكتاب المُقدس التي يعود تاريخها الى 200 سنة قبل الميلاد..ونوهت الصحيفة أيضاً بحسب أعلانها بأن المخطوطات ستكون هدية مثالية للمؤسسات التعليمية والدينية..فأشترى المخطوطات نيابة عن الأسرائيليين عالم الأثار وأحد جنرالات الحرب الأسرائيليين والعضو السابق في الهاغاناه, يغئال يادين بمبلغ وصلَ الى 250.000 ألف دولار.



أعلان صحيفة وول ستريت جورنال لبيع المخطوطات



يغئال يادين


يغئال يادين عالم الأثار الاسرائيلي في موقع حفريات وادي قمران عام 1953


وبالتالي باتت المخطوطات السبع للبحر الميت بحوزة الحكومة الأسرائيلية التي تبنت بناء متحف القُدس ومزار الكتاب ذو القُبة الطائرة على تلة الشيخ بدر لايواء هذه المخطوطات, وهذه الأبنية تُجسد أساطير المخطوطات ولاسيما مخطوطة أبناء النور والظلام التي عُثر عليها في الكهف الأول من بين ما مجموعة أحدى عشر كهفاً تضُم المخطوطات القديمة التي نُهبت من قبل بعض البدو وقوات الأمم المتحدة, وهي عبارة عن خطة حربية مُحكمة خيالية يتوقع أفراد الجماعة "سبط لاوي ويهودا وبنيامين..المدعوون بأبناء النور" أنهم سيخوضونها قريباً بعد عودتهم من "صحراء الأمم" في دمشق فسيُعينهم "الرب بملائكته وجنده" ليقضوا على كل الأعداء التقليديين المذكورين في العهد القديم "الفلسطينيين والآشوريين والأدوميين والمؤابيين والعمونيين والأغريق..المدعوين بأبناء الظلام".



خليل أسكندر مع جون مارك اليجرو أحد الباحثين البريطانيين عام 1953
مجموعة صور متفرقة





















































من واقع الكتب والإعلام المرئي والمسموع


،،،،،


رسالة نلسون مانديلا إلى الإصلاحيين العرب*



فيما يلي الرسالة التي وجهها المناضل والرئيس الجنوب افريقي السابق مانديلا للاصلاحيين العرب ..وننشرها هنا تقديرا لمكانة ونضال مانديلا في سبيل قيم الحرية والمساواة والديموقراطية والعدالة.. وكنموذج للنضال السلمي واللاعنفي ..



………………………………….



إخوتي في تونس ومصر أعتذر أولا عن الخوض في شؤونكم الخاصة، وسامحوني إن كنت دسست أنفي فيما لا ينبغي التقحم فيه. لكني أحسست أن واجب النصح أولا، والوفاء ثانيا لما أوليتمونا إياه من مساندة أيام قراع الفصل العنصري يحتمان علي رد الجميل وإن بإبداء رأي محّصته التجارب وعجمتْه الأيامُ وأنضجته السجون.



أحبتي ثوار العرب.



لا زلت أذكر ذلك اليوم بوضوح. كان يوما مشمسا من أيام كيب تاون. خرجت من السجن بعد أن سلخت بين جدرانه عشرة آلاف عام. خرجت إلى الدنيا بعد وُورِيتُ عنها سبعا وعشرين حِجةً لأني حلمت أن أرى بلادي خالية من الظلم والقهر والاستبداد



ورغم أن اللحظة أمام سجن سجن فكتور فستر كانت كثيفة على المستوى الشخصي إذ سأرى وجوه أطفالي وأمهم بعد كل هذا الزمن، إلا أن السؤال الذي ملأ جوانحي حينها هو:



كيف سنتعامل معي إرث الظلم لنقيم مكانه عدلا؟



أكاد أحس أن هذا السؤال هو ما يقلقكم اليوم. لقد خرجتم لتوكم من سجنكم الكبير



وهو سؤال قد تحُدّد الإجابة عليه طبيعة الاتجاه الذي ستنتهي إليه ثوراتكم.



إن إقامة العدل أصعب بكثير من هدم الظلم. فالهدم فعل سلبي والبناء فعل إيجابي. أو على لغة أحد مفكريكم – حسن الترابي- فإن إحقاق الحق أصعب بكثير من إبطال الباطل



أنا لا أتحدث العربية للأسف، لكن ما أفهمه من الترجمات التي تصلني عن تفاصيل الجدل السياسي اليومي في مصر وتونس تشي بأن معظم الوقت هناك مهدر في سب وشتم كل من كانت له صلة تعاون مع النظامين البائدين وكأن الثورة لا يمكن أن تكتمل إلا بالتشفي والإقصاء، كما يبدو لي أن الاتجاه العام عندكم يميل إلى استثناء وتبكيت كل من كانت له صلة قريبة أو بعيدة بالأنظمة السابقة.



ذاك أمر خاطئ في نظري.



أنا أتفهم الأسى الذي يعتصر قلوبكم وأعرف أن مرارات الظلم ماثلة، إلا أنني أرى أن استهداف هذا القطاع الواسع من مجتمعكم قد يسبب للثورة متاعب خطيرة، فمؤيدو النظام السابق كانوا يسيطرون على المال العام وعلى مفاصل الأمن والدولة وعلاقات البلد مع الخارج. فاستهدافهم قد يدفعهم إلى أن يكون إجهاض الثورة أهم هدف لهم في هذه المرحلة التي تتميز عادة بالهشاشة الأمينة وغياب التوازن. أنتم في غنى عن ذلك، أحبتي.



إن أنصار النظام السابق ممسكون بمعظم المؤسسات الاقتصادية التي قد يشكل استهدافها أو غيابها أو تحييدها كارثة اقتصادية أو عدم توازن أنتم في غنى عنه الآن



عليكم أن تتذكروا أن أتباع النظام السابق في النهاية مواطنون ينتمون لهذا البلد، فاحتواؤهم ومسامحتهم هي أكبر هدية للبلاد في هذه المرحلة، ثم إنه لا يمكن جمعهم ورميهم في البحر أو تحييدهم نهائيا ثم إن لهم الحق في العبير عن أنفسهم وهو حق ينبغي أن يكون احترامه من أبجديات ما بعد الثورة.



أعلم أن مما يزعجكم أن تروا ذات الوجوه التي كانت تنافق للنظام السابق تتحدث اليوم ممجدة الثورة، لكن الأسلم أن لا تواجهوهم بالتبكيت إذا مجدوا الثورة، بل شجعوهم على ذلك حتى تحيدوهم وثقوا أن المجتمع في النهاية لن ينتخب إلا من ساهم في ميلاد حريته



إن النظر إلى المستقبل والتعامل معه بواقعية أهم بكثير من الوقوف عند تفاصيل الماضي المرير.



أذكر جيدا أني عندما خرجت من السجن كان أكبر تحد واجهني هو أن قطاعا واسعا من السود كانوا يريدون أن يحاكموا كل من كانت له صلة بالنظام السابق، لكنني وقفت دون ذلك وبرهنت الأيام أن هذا كان الخيار الأمثل ولولاه لانجرفت جنوب إفريقيا إما إلى الحرب الأهلية أو إلى الديكتاتورية من جديد. لذلك شكلت “لجنة الحقيقة والمصالحة” التي جلس فيها المعتدي والمعتدى عليه وتصارحا وسامح كل منهما الآخر.



إنها سياسة مرة لكنها ناجعة



أرى أنكم بهذه الطريقة– وأنتم أدرى في النهاية- سترسلون رسائل اطمئنان إلى المجتمع الملتف حول الديكتاتوريات الأخرى أن لا خوف على مستقبلهم في ظل الديمقراطية والثورة، مما قد يجعل الكثير من المنتفعين يميلون إلى التغيير، كما قد تحجمون خوف وهلع الدكتاتوريات من طبيعة وحجم ما ينتظرها.



تخيلوا أننا في جنوب إفريقيا ركزنا –كما تمنى الكثيرون- على السخرية من البيض وتبكيتهم واستثنائهم وتقليم أظافرهم؟ لو حصل ذلك لما كانت قصة جنوب إفريقيا واحدة من أروع القصص النجاح الإنساني اليوم.



أتمنى أن تستحضروا قولة نبيكم: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”



نلسون روهلالا ماندلا



هوانتون –جوهانزبيرغ



…………………………………………………………..



* عن جريدة الوطن الموريتانية