نشرة الأخبار

آخر المواضيع

الأحد، 15 يوليو 2012

الغروب الأخير

بقلمي : نشرت في ملحق أشرعة الثقافي بجريدة الوطن اليوم الأحد 15/7/2012م

الغروب الأخير

يقولون ما أجمل أن تضحك وفي عيناك ألف دمعة ومع ذلك أقول ما أجمل أن تجد من يمسح لك تلك الدمعة فينسيك الألم والحرقة ويجعلك تبتسم على راحة يده.
...
جمعت حصيلة ذلك اللقاء على سلة الزمن فوجدته لا يتعدى بضعة أيام من الأحلام الجميلة التي أطبقت عليها أهداب عينيها ، حاولت أن تتحايل على الحقيقة المرة التي أيقظتها من أمنيات الحياة ولكن الدمعة سبقتها حتى سقطت في فنجان قهوتها المرة ، إرتبكت وأصيبت برعشة جعلت فنجان قهوتها يهتز من بين يدها المتعبتان ، عندما رافقته أول مرة في مدينة سالونيك اليونانية كانت كوردة حمراء في فصل الربيع ابتسامتها العذبة لا تغادر شفتيها ، كانت تنضح جاذبية وحيوية وكان حلمها أن تزور اليونان منذ أن كانت على مقاعد الدراسة حين ترى الخارطة يتوسطها إسم أثينا تسرح خلف الأفق البعيد لترى قرص الشمس يتأرجح فيختفي خلف الجبال لترسم على مفاتيح الخارطة حضارة الإغريق ، لهذا السبب عشقت مادة التاريخ فأخذت تحلم بمدن يونانية تعبر إليها من خلال ألواح أساطير بوسيدون على أرض المسينيين 0تمنت لو أن أبعاد الخارطة اليونانية تقترب منها في ذلك الوقت ويكون مقياس رسمها قد أخذها لواقع أقرب ، ذات مرحلة من مراحل دراستها قامت بتغيير مفتاح الخارطة في امتحان المنتصف فحددت اتجاه أثينا متعمدة رغم معرفتها بالجواب بعيدة عن جنوب شرق أوروبا وغيرت مسارها إلى جنوب شبه الجزيرة العربية رغم تميزها في مادة التاريخ ، لم تننسى دهشة أستاذة التاريخ من ذلك اليوم أثناء توزيع ورقة الامتحان رغم أن جميع إجابات الامتحان الصعبة كانت جميعها صحيحة إلا أنها قد خسرت أربع علامات على ذلك السؤال 0 وحين سألتها المعلمة عن مكان أثينا في الخارطة أجابتها وبكل ثقة في جنوب شرق أوروبا على الرأس الجنوبي لـشبه الجزيرة البلقانية 0
مرت الأعوام كيوم وليلة ووجدت قدميها بين معالم حرب طروادة وآثار ملوك أسبرطة نسيت حينها رائحة الحنا بيدها ومن رافقها رحلة الأحلام تلك 0 وحينما كان ممسكا يدها لمح ابتسامتها وهي تعيش الحلم الذي بسببه تحول إلى حقيقة والتقط لها بعدسة جواله الصور والمناظر التي تعشقها في تلك الزاوية وهي مازالت تسبح بأفكارها وسط أساطير فجر التاريخ وأحداثها الجسام حتى خيل إليها بلحظة أنها أصبحت الأميرة كاسندرا حين تنبأت بمستقبلها الغامض في تلك اللحظة الأسطورية بدأ الربيع يتلاشى بالنسبة لها ويدخل الشتاء أبواب أفكارها ليحاصرها الجليد كما حاصر اليونان هيلين محبوبة ياريس وبدأت طيور الأوهام تدخل أفكارها بعد أن عششت في رأسها وصار بين خيال الإنسان وإدراكه مسافة لا يجتازها سوى حنين وبعض قطرات من حبر وورق لحظة الغروب الأخير قٌبيل الرحيل 0

السٌهاد البوسعيدية