نشرة الأخبار

آخر المواضيع

بقلمي : كان يا ما كان



 

ثرثرة ما بعد منتصف الليل : بقلمي

________________________________________________________________________

 

 

بقلمي : حينما تغرب الشمس












عندما نحب الحياة ونتعلق بها ونسمو بأرواحنا عليها نعزف قيثارة الخلود لا نعرف خلالها ما يخفيه لنا القدر وجريان السنون وعقارب الساعة وملامح الزمن ، كانت كشجرة مثمرة تتفيأ ظلال الحياة وتعطر الدنيا كأزهار الربيع عندما يفوح عطرها ، لم تكن تعلم ما كان يخفيه الزمن لها ، منار تلك البنت الوديعة بالأمس كانت طفلة تتقافز هنا وهناك تجري خلف القطط والأغنام بين أزقة ضيقة في بلدة صغيرة ، لا يوجد فيها من الحياة سوى البساطة وحب الناس ، دائما تحب ان تذهب إلى البساتين لترى الفلاحين وهم يزرعون حقول المزارع بأشجار غضة ترقب نموها ويسقيها الفلاح بعرقه ، كانت تجري ومن سرعة جريانها تلهث تقف تخلع نعليها وتدسهما تحت إبطيها ، ذات مرة كانت تقصد مزرعة والدها حينما شاهدت حمامة صغيرة بيضاء فوق أحد شباك المزارع القريبة جرت منار خلف تلك الحمامة كان خيالها يحدثها بأنها تستطيع الإمساك بها جرت وجرت وجرت وتقافزت من فلج إلى فلج ومن ينبوع إلى ينبوع تحت ظلال الشجر تجري ورائها ، فقدت الأمل بعد أن ضيعتها ، أحست منار بتعب شديد وجلست على قنطرة فلج تشرب الماء كانت ظفائر شعرها تتخلل في الفلج وتخرج رطبة مبللة بالماء وكانت في مفرق شعرها تلبس دينارا من الفضة أثناء جريانها يحدث اصواتا ، واصلت منار طريقها وهي تمشي رأت كلبا وكادت تموت رعبا من نباح الكلاب وأشكالهم ركضت دون وعي وبلا شعور حتى وصلت أكبر مزرعة غناء، الناظر لها يراها جنة الله في أرضه ، انها مزرعة والدها الذي يبيع الثمر برخص التراب دون أن يعي قيمة الأرض او التجارة ، تعثرت منار على صخرة بالمزرعة فهي كانت تجري دون إحساس لم تكن ترى سوى صورة الكلب عالقة في أذهانها ونباحه رغم أنه لم يواصل النباح ولا الجري خلفها فسقطت حتى سال الدم من قدمها اليمنى ، رأها والدها على هذه الحال ، وأحضر لها ريحانة خضراء بعد أن سحقها براحة كفيه ووضعها على الجرح ، كانت منار حياة والدها وروحه ، لم يرى من الدنيا سواها رغم أنه له من الذكور سبعة ولكن منار هي حبيبة ابيها والمقربة من روحه ، نظرت منار لوالدها وهو يدعك لها قدمها ويضع عليها الريحان وهي تبتسم ببراءة الطفلة وفي نفس الوقت الجرح عميق يؤلمها ، مسح والدها على شعرها وضمها إلى أحضانه وطمئنها بأنه سيبرد ويلتئم ، كان اثناء ذلك الوقت والدها يبدا بالتجارة فكان يحصد حصاد المزرعة مع أبنائه وينزله للمدينة فيبيعه ، وبدات الأموال تجري في يد والد منار حتى بنى بيتا جميلا صغيرا لعائلته في القرية، وسكان القرية ببساطتهم ينظرون له وكأنه قصر ملك ، حتى اصبح إسم والد منار يكنى بالشيخ ، فما كان أن يمر من بينهم إلا وينادى بالشيخ حمد قادم والشيخ حمد ذاهب ، وهكذا تزداد التجارة لديه فكان ربع ماله يزكيه والباقي يدخره والأموال تكثر فيها البركة ، وفجاة قال اولاد الشيخ حمد لوالدهم نحن أبناء شيخ واغنى اغنياء البلدة وآن الأوان لن ندخل المدارس يا والدنا ونتعلم ، نظر الشيخ حمد نظرة حيرة وأخذ يتلمس مسبحته ويصلح من عمامته وخلع نظارته التي يلبسها وأبتسم ، إقترب من أصغر ابنائه وطبطب على كتفه وقال : لا بأس سأرسلكم للمدارس المدينة ولكن بشرط ، فرح الأولاد وابتسموا لأن والدهم وافق على طلبهم وقال : ستاخذون منار معكم هي ايضا للمدرسة ، تحت هذا الشرطوافق الأبناء ، جهز الولاد انفسهم للذهاب للمدينة وكانت منار من بينهم وقد أرسل والدها خادمته معها ، نظر الوالد لمنار وشاهد إبتسامتها البريئة بعد أن قبلت يده ورائحة الزعفران تتطاير شذاها من ملابسها كانت ترتدي فستان طويل ذات لون زهري والدينار على مفرق رأسها ، ضمها والدها إلى صدره وقبلها في جبهتها وانصرف الجميع في سيارة مفتوحه كان لا يركبها في تلك الفترة سوى المقتدرون ،تحركت السيارة فلوحت منار بيدها تسلم على والدها والهواء يداعب خصلات شعرها المنسدل على جبينها ، مرت السنون وتعلم البناء وكبرت منار واصبح والدها يمتلك مزارعا كثيرة في بلدته والبلدان المجاورة وعمل بالتجارة في المحاصيل الزراعية ، وكان يقوم بتشغيل شباب القرى ليستطيعوا تحسين معيشتهم ، تأقلمت منار على جو المدينة ، والتحقت بكلية الطب وعرف عنها الأدب وحسن الخلق وجمالها الوقاد الذي يأسر القلوب ويفتن الأنظار فلم تعد تلك الفتاة صاحبة الدينار الذي ينسدل على جبينها فقد كانت متحجبة طويلة القامة زرقاء العينان وكان زملائها ينادونها سنو وايت ، كان الجميع معجب بجمال أنفها وكانها الخنساء في طلتها وبهائها ، وكانت مزيلة العقبات ومذللة الصعاب لزملائها في حلهم للواجبات والعمل الميداني، خرجت منار للتدريب بالمستشفى وفجاة راته شاحب الوجه اصفر اللون ، ضعيف هزيل ،كانت الكحة لا تبارحه وكانت عيناه من كثرة الترجيع واغرتان إقتربت منه لتقيس حرارته فوجدت الحرارة عالية رغم العرق الذي يبلل شعره وزوايا من جسمه ، عكفت على دراسة حالته فتبين انه منذ سنتان يعاني من ألم في الكبد وقد تدهورت حالته الآن منذ ستة أشهر، كانت منار تذهب لقريتها نهاية كل اسبوع ولكن هذه المرة تأخرت فأصبحت مهتمة بتشخيص حالة مريضها ، عكفت على دراسة حلته وتبين لها أنه يعاني من إلتهاب كبد وبائي ، كانت بعد ان تنتهي من مناوبتها بالمستشفى تجلس بجانبه تذاكر دروسها وتقرا له القصص ، تعلق بها كثيرا ، وشعرت نحوه بشعور غريب لا يوصف ، حتى صارحها بحبه بعد ان احس بتحسن ، كان المستشفى خلال ستة اشهر وكانه سجن يتمنى ان تنكسر قضبانه وعندما جأت منار لديه شعر بأنه قصر لا يود الخروج منه ، وعندما خرج ظلا يلتقيان في مطعم صغير يتناولا يوميا وقبل ذهابهم للجامعة وجبة اففطار هناك ، قالت له سأذهب إلى قريتي لأرى اهلي بالعطلة نظر إليها وتضم يدها وقال لها سافتقدك ، ذهبت منار للقرية وكانها لم ترها منذ مدة طويلة أخذت تتجول بين أغصان الشجر وتشم رائحة التربة المختلطة بالماء من قنوات الفلج، وأصوات العصافير وحفيف الشجر يطربها كان الجو غائما وباردا في نفس الوقت ، شعرت منار بزغللة في عينيها افقدتها توازن جسمها فسقطت على الأرض ، وعندما افاقت وجدت نفسها بالمستشفى ، مرت اياما ومنار تعاني من إعياء وحمى وكان والدها يسهر بجانبها لا ينام ليله ولا يعرف نهاره خوفا عليها ، وكان حبيبها كل يوم يأتي لمطعم المدين وينتظرها سأل عنها بالجامعة فقيل له لها فترة طويلة وهي متغيبة لم تحضر ، ظن انها قد نسيته ولم تعد تذكره، ظل حزينا قلقا ومتوترا وحالة منار تزداد سوء وهو لم يستطع نسيان حبها فقد انقذته من موت محقق بعد ان قال له الأطباء حياتك ميؤس منها وكان يصارع الموت ، نظر إلى قرص الشمس وهي تختفي خلف الأفق ويقول هكذا إختفت منار عن عالمي ولم اعد أسمع عنها شيئا ،وفجاة شعرت منار بان ركبتيها لم تقوى على الحراك وان شفتيها بدات بالإزرقاق ، طلب والدها الفحوصات الطبية فسأله الطبيب، كيف كانت طفولة إبنتك ، قال كانت بريئة كوردة متفتحة كطائر مغرد يشدو بالحرية ، قال له هل وقعت يوما من مكان مرتفع حاول أن تتذكر ، قال له والدها لا، قال إن إبنتك بساقها الأيمن دبوس وقد إحترق العصب وتمكن من عضلة قلبها ، وسمم دمها فأصبح الدم ملوثا وقد اصيبت بسرطان الدم وهي في آخر مرحلة من حياتها ، نزل الخبر على والدها كالصاعقة ، كيف ذلك تذكر سقوطها وقع الريحان المسحوق والدم الذي خالطه التراب وإبتسامتها البريئة ، ذهب حبيبها للقرية ليسأل عنها فأخبر انها نائمة في المستشفى وان حالتها سيئة ، لم يستطع ن يتماسك فذهب مسرعا لها ومع كل خطوة يجري بها بقدميه،كانت هي قدميها تجري خطوة لتلفظ أنفاسها الأخيرة وما أن قد وصل إلى سريرها حتى فاضت روحها إلى بارئها ، فذهل مما يجري فقد توفيت بنفس السرير والغرفة التي كان ينام بداخلها ، وانقذته من موت محقق ، شعر حينها بأن الحياة لا شيء ، فقال
:" عندما تغرب الشمس تغرب الأنفاس وتصير الروح إلى زوال ، هكذا كانت حبيبتي وهكذا المئآل ".




بقلمي : السهاد
__________________________________________________




متحركة 2010 متحركة رووعة

نحملكم هنا مع  محيط الخيال ، نأخذكم بعيداً عن أرض الواقع فمنه تتمنون لو تعيشوه ، ومنه  تحمدون  الله تعالى بأنه كان حلم وخيال 
تعبر سفن أقلامنا بلاد ذات بحار وخلجان 
نقف مع كل أبجدية أزهار شتى مختلفة الألوان 
هي قصصنا لا تنتهي فكانت عبارة عن كان يا مكان 

ثرثرة صغيرة بقلمي لعشاق القصة والخيال 
السهاد البوسعيدي
،،،،،،،،




بقلمي : هوبي ونهر اليانجستي








كمن وقع من سفح جبل بين أنياب صخور حادة فتهشم رأسه كان يعلم سابقا بأنه يسوق نفسه بإتجاه الموت مع دوران عقارب الساعة في فصل الشتاء حاملا كفه بيده لم تمنعه برودة الطقس ولا عوامل التعرية الصخرية ، أنفاسه تتسارع وأفكاره تتلاطم كان من السهل جدا أن يحد شفرة السكين ويذبح بها نفسه ولكن رؤية ورائحة الدماء تزعجه فلا يرغب أن يموت مرتان مرة برؤية الدم ورائحته ومرة عندما تسحب روحه .






آثر الوقوع من سفح الجبل ، بعد أن إستعاد قوته أخذ يمشي شارد الذهن بخطوات متثاقلة فتارة يخيل له القبر بعدما يمكث به وحيدا وقد أهيل عليه التراب وفارق الأهل والأحباب فينتابه الخوف من ظلمة القبر ووحشته والوحدة التي يكون فيها إذ كيف يحلم بالجنة وهو قد مات منتحرا هيهات هيهات .
كان يحب شعبه فهو بالنسبة له سياج مملكته بأسرها يقف ينظر إلى مدينته المطلة على نهر اليانجستي في هوبي تلك المدينة الشهيرة في الصين عود نفسه كل صباح يحتسي الشاي الصيني وهو ينظر إلى قرص الشمس وهي تشرق لتملئ مدينة هوبي نورا وجمالا فكانت تمتزج جنة هوبي مع نور الشمس لمعان الفضة الخالصة وتمنح نهر اليانجستي بريق الماس المصقول فكان يشعر بغبطة وهو يرى شعبه على ضفاف نهر اليانجستي يمارسون اليوجا فهي بالنسبة لهم المتنفس الوحيد للتخلص من التوتر والضغط النفسي وكان هو يمارسها بتناغم جسمي وتخيل عقلي مع طريقة التنفس العميق . فقدانه لأميرته الصغيرة جعله شخصية مختلفة تماما وكأنه لبس ثوبا آخر لم يكن مقاسا عليه بدأت عليه ثورات الغضب الحاد ونوبات من الثمالة والسكر هكذا وجد نفسه بعد أن كانت تملئ عليه حياته بهجة وسعادة وقفت بجانبه كالزوبعة عندما كانت الدول تخطط على تمزيق عرشه سعت بكل إرادتها بأن تقف مع الجند وهم يتدربون على فنون القتال بكل أنواعه لم يثنيها المرض عن عزمها وإرادتها فكانت جدارا منيعا له يجابه الرياح العاتية رغم ما ظهر عليها في آخر لحظة من حياتها من علامات الذبول وإصفرار العين وإزرقاق الشفتين ومع ذلك كانت تستجلب طاقتها الداخلية وتصمد . ومع آخر لحظة من شهقات أنفاسها كانت مفترشة الأرض واضعة رأسها بصدره حتى غادرت الحياة حينها شعر بأنه لم يكن هو ذلك القائد المهاب ، فقبلها على جبينها المشرق وحملها بين ذراعية وطاف بها في مدينة هوبي على ضفاف اليانجستي والدموع منهمرة كالمطر من عينيه وكأنه لم يصدق بأنه قد فقد شيئا ثمينا في حياته . حينها قرر بأنه لا بقاء له بدونها فكانت أفكاره تستجلب الموت ليلحق بها فقاده تفكيره للسقوط من سفح الجبل ،نظر لهوبي مملكته وكأنه يودعها لآخر مرة قبل أن يموت ورفع رأسه إلى السماء مغمضا عينيه وما هي إلا برهة حتى سقط ضوء الشمس ولمع بعينيه وعندما فتحها تذكر كلماتها وهي تقول له :
أبي نظف دروب هوبي من كل لص وباغي وإختار شعبا صلبا محبا يحبك وتحبه عذوبة قلبه كالماء وهنا تعالت صرخاته :
سأختار أفراد شعبي وسأقفز بهم مع كل مرحلة عصر وعصرين في كل ساعة
إستعاد لحظة شروده العقلي وتذكر الواقع فأخذ يقول لهوبي وشعبه ونهر اليانجستي كما قال الشاعر محمود درويش :
سأختار أفراد شعبي، سأختاركم واحدا
واحدا .
كى تكونوا جديرين بى.. وأكون جديرًا بكم ..
سأمنحكم حق أن تخدمونى
وأن ترفعوا صورى فوق جدرانكم
وأن تشكروني لأنى رضيت بكم أمة لى..
سأمنحكم حق أن تتأملوا ملامح وجهي في
كل عام جديد ..



بقلمي : السهاد البوسعيدي






،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،






موت الوردة








كانت تناديه بابا فهو الذي رباها بعد وفاة أبيها ما كانت تعرف أن لها أب سواه كان يحرث بستانه ويزرع من الورد والزهر شتى ألوانه وعندما تطلع وردة كان يجري لها يعطيها إياها وكان يقول لها إن هذه الوردة تشبهك في جمالها ونضارتها ورائحتها الحقيقية وهي تبدو سعيدة حينما تنكب تقبل يديه وجدها غضة طرية لحمة حمراء مع والدتها التي كانت تصارع المرض والألم حينما ولدتها فهي لم تعرف إلى أين تذهب وأين تتجه هربت من أهلها لحظة الولادة خوفاً من أن يكشف أمرها ولم تجد مكاناً تضع فيه مولودها سوى بستانه


إتخذت لها جانب من المكان بين زهور ذلك البستان فغطتها أغصان الزهور وهي تضع حملها  كانت تستعيد ذكرياتها معه حينما كان يغازل مشاعرها حتى وقعت أسيرة هواه  لم تعد تصبر عنه ساعة فكان يتواعد معها خلسة بعد أن خطبها أكثر من عشرين مرة ولم يفاجئ بنهاية له إلا الضرب والإهانة حتى لا يعود إليهم خاطباً مرةً أخرى 

كيف يجرؤ هذا الأرعن بأن يخطب بنت أكبر قبيلة في تلك القرية !!

خرج والدمعة تتغلغل في عينيه متوشحاً وشاح الألم ومتجرعأً مرارة الحب بعد أن أهين وصدم بهذا الرد

كان دائماً يردد على مسامعها بماذا اخطأت مع أهلك حتى تتم معاقبتي وإهانتي برفضهم للزواج منك

حاول كثيراً بأن يبتعد عنها وكان يجلس أطول مدة إسبوعاً يصارع شوقه ومشاعره ولكنه لا يقوى يضعف أمام عشقه وهواه لها

كثيراً تألمت ومرضت دون فائدة ترجى


كانت كالقمر حينما تجلس أمام بحرة الماء يغازلها كل من حضر ، وهي لا ترى سواه أمامها  تعاهدا بعد ذلك بأن يمضيا سوياً ويطلقا المجال الخصب لساحة الهوى والحب  فقرر بأن تكون زوجة له كما قررت هي بأن يكون زوجاً لها  له منها ما يحل للزوج مع زوجته ولها مثله كذلك

ظل هو كذلك وظلت معه سنتان حتى كان يوماً ينتظرها ببستان أخيه وبيده عقد من ذهب نقش بداخله صورته وصورتها وأول حرفين أبجديين لهما كانت السماء ملبدة بالغيم وكانت الأمطار تنزل بغزارة حينما كانت تجري نحوه مسرعة تنغرس أقدامها فوق الطين وتظل تسابقها الخطوات قبل الأنفاس وهو منتظراً أن تطل عليه كإشراقة شمس الصباح الدافئة 

وفجأة ظهرت حية من بين الأزهار لسعته في قدمه لحظة وصول حبيبته  أخفى الألم عنها حتى لا تشعر به  لقد قبلها وألبسها العقد حول رقبتها

وحينما ودعا بعضهما نظرت إليه وهي تقول كل يوم أراك مشرق وجميل ولكن اليوم أنت أجمل إنك كالملاك

عانقته بشدة وكأنه العناق الأخير حيث كان يخفي الم لسعة الأفعى بقدمه حتى لا تشعر به فتتألم هي الأخرى فقد كان لا يطيق أن يراها تتوجع

وحينما ذهب للمنزل وقع على الأرض وقد إرتفعت حرارته من الحمى 

جرى أخاه مسرعاً كي يحضر له الطبيب ولكن الطبيب وصل متأخراً حينما دخل الطبيب عليه كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة


أما هي فقد ظلت تنتظره الإسبوع تلو الإسبوع والشهر يأتي ويمضي والطفل يكبر في بطنها ومهما تحاول أن تخقيه بملابس واسعة حتماً لحظة ولادتها سيكشف سرها وها هي الأيام تتوالى تأتي وتمضي

وحين شعرت بألم المخاض لم تجد مكاناً لها سوى ذلك الذي كانت تلقى حبيبها فيه 

جلست يومان متعسرة ولادتها وهي تنزف دون طعام ولا ماء  وفجأة خرجت مولودة كبدر السماء في بهائها وجمالها  نظرت إليها بدمع فرح ووداع مبتسمة وهي تقبلها على جبينها فألبستها العقد الذي أهداه لها حبيبها والذي ظل مطوقاً عنقها حتى تلك اللحظة


سمع صاحب البستان صراخ المولودة في بستانه فظل يتبع مصدر الصراخ في أي مكان من البستان ؟

وأخيراً وجد الأم والمولودة  حمل الطفلة ونادى بالخادم كي يساعده في حمل الأم  أخذها لمنزله

أشعل لها المدفئة وأحضر لها طعاماً وماء حتى تتحسن صحتها  ولكن حمى النفاس كانت أقوى منها ففارقت الحياة بعد إسبوع من ولادتها


عاشت في يتم ولكنه لم يشعرها بفقدان الأب فقد إعتنى بها كما لو كان أبوها وهي لم تعرف في الدنيا غيره  كانت متعلقة بالورد وكان يقول لها أن الورد هو من يشبهك  كانت الفتاة تكبر أمامه وجمالها يزداد كان يناديها وردة  وهي تحبه كثيرا ومتعلقة به  كيف لا وهي تعلم بأنه والدها الذي رباها ودللها حتى أصبحت عروساً يطرق الخطاب باب أبيها وفي كل مرة كان يرفض متعللا بصغر سنها  كانت ترى من هي أصغر منها قد تزوجت وأنجبت أيضاً


حتى دخل عليها يوماً ووجدها تبكي وكان يحمل لها من الزهر ألوانا ، رأى دمعتها فمسح الدمعة من عينيها وقال لها بأن الورد لا يبكي يظل مبتسماً ضاحكاً حتى لا يفقد إشراقته ونظارته

نظرت له بعين البنت المحب لأبيها تسأله : بابا لم ترفض خطابي

غضب منها ولكن سيطر فجأة على غضبه وما لبث أن هدأ فأجابها : أن من يتزوجك لابد أن يكون جديراً بك يحبك فلا يؤذيك يحاقظ عليك حتى آخر لحظة بحياته لابد أن يستحقك


أمسكت بيده تقبلها ودمعتها تتساقط على كفه وقالت : أحبك أبي

رفع رأسها وقال لها : أتتزوجينني ؟

دارت بها رحى الأيام وسقطت على رأسها سنوات الدنيا وقامت وما قعدت غير مصدقة ما قال !!!!

حاولت أن تستفهم كلامه مرة أخرى ولكنه سألها نفس السوأل : أتتزوجينني

كأنما كانت تحلم أو كمن فقدت عقلها كيف لبنت أن تتزوج والدها

نظرت له بغرابة وأبتسم هو لها فقال : إذاً السكوت علامة الرضى سيكون عرسنا يوم الخميس المقبل جهزي نفسك وأستعدي


نزل للمدينة ليشتري لها الذهب الأصفر والأحمر أصنافاً وأشكالا ومن الحرير أحسنه ومن العطر والبخور أطيبه  والفرحة أنسته الدنيا وما حولها

أما هي كانت كمن يعيش الحلم أو كمن أصيبت بسحر منعها من أن تأكل وتشرب جلست ثلاث أيام بلياليها صائمة عن الطعام والشراب

وحين عودته للبيت وقد حمل لها كل ما يلزم مستلزمات العروس وجدها نائمة وقد فقدت نضارتها وإشراقتها الجميلة

كانت تتحسس عقد والدتها بعنقها كل لحظة وحين بينما هو يخرج لها أشكالا مختلفة من الذهب والفضة والحرير  وكانت تجيبه بأنفاس ثقيلة أنا لا أريد غير هذا العقد الذي ورثته عن والدتي  وتكرر عليه ذلك عدة مرات حتى أمسك بعقد رقبتها فرماه أرضاً في ثورة غضب  واثناء سقوط العقد أرضاً لفظت هي أنفاسها الأخيرة لتلحق بأمها وأبيها


وكانت صدمته هو في تلك اللحظة صدمتان ، صدمة موت الوردة التي ربها كإبنته وبيده كان موتها حين أراد أن يتزوجها

والصدمة الأكبر هي حينما فتح العقد فوجد صورة أمها وصورة أبيها  والحرفين من إسمهما

ذهل فالصورة الثانية كانت صورة أخيه

صعق بعقله وشل فكره ووقف قلبه فقد علم في تلك اللحظة فقط بأن الوردة هي إبنت أخيه وأنه عمها

لم يستطع أن يستوعب الموقف وبأن يحتمل الصدمة فكيف لعم أن يتزوج بإبنة أخيه أصيب بجلطة في الدماغ أفقدته الحياة فمات هو أيضاً بموت الوردة

بقلمي : السهاد



،،،،،

بقلمي : حبيسة الشطرنج




جزع من هول ما فعل نظر وراءه فوجد طلاب الجامعة يضحكون ويتلامزون قلب الطاولة رأسا على عقب من الغيظ حتى تناثرت قطع الشطرنج من كل جانب مختلطة مع بعضها ،، حاول أن يتناول علبة السيجار من جيبه وعندما أدخل يده بالعلبة وجدها فارغة لم يتبقى منها حتى عودا واحدا ،، نظر بالأسفل ليلتقط سيجارة من الطفاية كان قد أشعلها ووضعها بالطفاية نظر إلى ثقاب السيجار فوجدها وكأنها تستهزئ به ،،، ترك كل ما يحيط به وذهب ليلحقها

كانت تمشي بخفة وكأنها طاؤوس مغرور ،،، مشت دون توقف ومضى خلفها دون تعب وفجأة غيم الجو وتكاثفت الغيوم طبقات في كبد السماء ،،، حتى بدأت الأمطار في النزول بغزارة وكلما دخلت إلى شارع وخرجت منه كان خلفها متعقبا حركاتها وإزدادت برودة الجو

فقدت قوتها من كثرة السرعة والمسافة التي قامت بمشيها لتلجم جام غضبها وتنفس عن نفسها به لم تعد لها طاقة على الحركة

وداهمها التعب والدوار وهنا وقفت لتتذكر الملك والوزير وما وراءه من جنود حتى كادت تسقط على الأرض
وهنا وجدت من يمسك بها قبل سقوطها على الأرض نظرت إلى الأعلى فوجدته هو نظرت إليه بدموع متناثرة كالآلئ على وجنتيها الورديتان ،،، ونظرت إلى بريق عينه والتي قرأت فيها ندما على ضياع فرصته ،،، ساعتها شعر هو بأن غرورها في تلك اللحظة قد إنكسر وعنجهيتها قد تحطمت ،،، مسح دمعتها بيده ،،، فشاهد إزرقاق شفتيها من كثرة البرد الغير محتمل ونسي نفسه وهو معها بأنهما تحت غزارة المطر إلا حينما أمسك بيديها اللتين ترجفان من شدة البرد حينها قام بخلع عباءته التي كان يرتديها وألبسها إياها ونظر إليها بإبتسامة هادئه وقال لها :

" كش ملك "
فلقد وقعتي حبيسة الآن في سجن أبدي لن تستطيعي الخروج منه ولن ينفعك وزير ولا جنود وأمرت بحبسك في قلعة لا يطالها أحد وأغلقت عليك بمفتاح لا توجد نسخ في العالم بأسره منه ورميت به بحرآ فألتهمه سمك قرش ضخم يصعب إصطياده
أتعرفين انك حبيسة الآن هنا في أسوا ر قلبي شراين دمي هم جنودك -ودقاته هم حراسك- وقلبي أنتي ملكة بداخله

هنا نظرت إليه فجأة محدقة به وأغمضت عيناها ،،، وعندما فتحتهما تذكرت أنها كانت في كرسي الجامعة في محاضرة تاريخية بطلها صلاح الدين الأيوبي وجنوده

فقالت : آه لقد كنت في حلم جميل تمنيت لو عشت واقعه

بقلمي : السهاد