نشرة الأخبار

آخر المواضيع

الأحد، 10 فبراير 2013

بين جنتين : " جنة الفيقين بولاية منح وجنة بهجة الأنظار بولاية صحار "

 
 
بين جنتين : " جنة الفيقين بولاية منح وجنة بهجة الأنظار بولاية صحار "
من حبها للكتابة كانت تنام على ورق الأعشاب ،، وتلتحف بأوراق الموز ، كان غذائها الأبجدية تستمد قوتها من قوة الكلمة وصلابة الحرف ، فتشبعها الرواية إذا أنهتها ، هي إمرأة لا تتكرر سوى مرة واحدة ، الذي يراها لأول وهلة يعرف بأنها لا يغطي وجهها أجنحة الثعالب وأقنعة الحرباء ، ولكنها تخاف خوف العشب حين يشعر بأنه قد حان أوانه ليجزوه بالمجز ، بعض الأحيان تلبس جلباب المثالية ، وتود لو بيدها أن تركب الكمال لتصبح متفردة عن البشر خصوصا في مجال عملها ، تهوى ميادين السباق لذلك تكاد الآن على مقربة من أن تمسك الدكتوراة بيدها ، أحبت الفروسية وعشقت ركوب الخيل ، تجيد السباحة وفن العوم مبحرة بين شلال الكلمة وأمواج الحرف ، ما أن يكتمل بيت القصيد لديها حتى تستعد لتبني بيتا غيره عاشت بين جنتين ، جنة بهجة الأنظار بصحار حيث والدها يعمل هناك ، وجنة منح بداخلية عمان تحديدا ولاية الفيقين ، كان أمامها شريط من أفلام لا ينتهي عندما تتذكر جمال العجائز الباهر التي إرتسمت على وجههن ملامح الزمن وحفرت التجاعيد فيه معاناة الحياة الريفية وقسوتها ، ورغم ذلك كانت العجائز بديع خلق من جمال الله بمخلوقاته ، حيث الوجه الخالي من مساحيق التجميل والماركات الخادعة التي أتقنتها صرخة قرن الحادي والعشرين ، فالمسك كان عطرهن والكيذا كانت رائحتهن والورس والصندل والزعفران الذي إختلط مع المحلب كان يزين جبينهن ،فالبساطة والتواضع في قرية كقرية الفيقين جعلت منها كظلال شجر يقودها إلى حيث الأمنيات أجمل ذكريات عاشتها في منزل جدها المبني من الطين ، واللحظات السعيدة كانت لديها حين تجلس على ركبتيها تستمع إلى جدها وهو يحكي لها حكايات تاريخ حافل عاشه ما بين عمان وزنجبار ، منتقلا بين عمان الداخل وشرقي افريقيا الذي تعطر فم القرطاس فيه رائحة القرنفل عندما يحاكي ثراء الزمن آنذاك لكل عماني كان قد ذهب إلى زنجبار ، وفي ذروة الحدث حملتها السيناريوهات إلى قلعة منح وفلج الشريعة وحارات الفيقين وأزقتها الضيقة التي تنشرح لها النفس ، جريان الفلج في السواقي كان بالنسبة لها معزوفة من الموسيقى الكلاسيكية وحفيف النخلة كان لها سيمفونية من الفلكلور والتاريخ العماني أما بيوت الطين ورائحة التراب حين يختلط ممتزجا بالماء جعلها كبطل يتصدر الصفحة الأولى في حلبة السباق مع الزمن ، لا تزال رائحة بيوت الطين حين تلامسها المياه بالنسبة لها مميزة ، وتشتهي شم تلك الرائحة الزكية في نظرها ، ومزارع بيت جدها تفوح منه رائحة التوت البري الذي يعرف بالفرصاد ، فكم من الأيام صعدت إلى قمة شجرة الفرصاد متسلقة أغصانه بشقاوة الطفولة لتقطف حباته ، وجرت بين سواقي الأفلاج وأعشاب المزارع تتسلق شجرة التين ، تتبع أصوات الفنازيز محاولة أن تطير مع طيران الجراد في ذلك الوقت ، ثقافة جدها التاريخية والإسلامية جعلتها تقتني مكتبة من التاريخ الشفوي حين يحكي لها قصص العمانيين ومعاناتهم قبل عام السبعين ، فتتعطش وتشتاق للجلوس بأحضان جدها بعد كل صلاة عشاء وهو عائد من المسجد تسلم عليه تمد له يدها لتتناول منه حبة الشوكولا أو الحلوى والتي حتى في طعمها ومذاقها تختلف لذته آن ذاك عن طعم الشوكولا والحلوى في أيامنا هذه ، إن السرد التاريخي لرواية جدها عن العمانيين في زنجبار وعمان في الداخل قد أكسبها ثقافة تاريخية جعلتها تعشق الحضارة والتراث وتهيم في حضارات أخرى كحضارة اليونان وبابل وآشور وسومر والأغريق ، إن عصرا كعصر ذلك الزمن كان جنة مشيدة بالطين وفق بناء هندسي عجيب وتلك الحارات الرائعة التي تجري تحتها الأفلاج من بين السواقي متخللة تلك المنازل الأثرية كانت تحفة معمارية رائعة ، بدأت الذهاب إلى مدارس تحفيظ القرآن وكان عمرها ما بين الثالثة وحتى الرابعة مع أولاد عمها في حارة الفيقين لحظة أن تلمح الصبية الصغار وهم حاملين مصاحفهم على روؤسهم وبين أياديهم ، منتعلين ببساطة تلك البيئة نعال الزنوبة ، يجلسون في حلقة دائرية والمعلم بمنتصف مركز الدائرة ، بدأت معهم تردد ألف ليس له ، والباء تحتها نقطة والتاء فوقها نقطتين ، ففطن لها عمها الذي كان هو نفسه من يقوم بتحفيظ الصبية الصغار الأبجدية والقرآن ، وأخذ بيدها لتحفظ الأحرف الهجائية فبدأت طريقها ما بين جولات الحروف وتلاوة حفظ القرآن ، ولكنها سرعان ما تمل فتهرب من خلف الصبية الصغار بجسمها النحيل الهزيل إلى الدكان الذي يقع في حارة الفيقين وتدخل من بابا يسمى باب الصباح كان يفتح لحظة أن تبدأ الشمس في الشروق ويغلق حين يداهم الحارة الظلام وتلبس جلباب المساء ، إن بيت جدها كان تاريخ من الذكرى يحن قلبها إليه فهو عبارة عن دورين بأبراج شرقية وأخرى غربية ، فعاملون المنزل وزوجاتهم كانوا بالدور الأرضي الذي به غرف صغيرة مظلمة تسمى الصفة ، تتوسطها غرف أخرى تخبأ فيها أواني التمور التي تعرف بالخرس والمصنوعة من الفخار للحظات الشتاء عندما يودع العمانيون الصيف بما فيه من رطب الخلاص والخنيزي والفرض الذي يعرف بعمود الأرض مع مجالس للضيوف تسمى السبلة ، وساحة البيت بالمنتصف تعرف بالعرشة وهي باحة مكشوفة يجتمع فيها العاملون بالمنزل لحظة قيامهم بتنقية الحبوب مثل البر والقمح ، والحنطة ، و الأطفال الصغار تجلس بجوارهم ترقب ما يفعله عمال المنزل وتستمع ما يتحدثون فيه من كلام المزاح والضحك وكذلك الغناء الذي كان يردده البعض منهم ، لا زالت تذكر أسماء كل من مر بالخدمة في بيت جدها ولعبت معهم وهي طفلة صغيرة وبعضهم حملها على كتفه فأضحكها وأبكاها ، كانت تتطلع إلى كل شيء غريب ومتميز ، فأكسبها ذلك الدخول في حلبة المنافسة والتفرد ، فهي تحب أن تكون الأجمل ذات الأناقة العالية واللباس الجميل ، والحديث اللبق المرتب فتجدها من سابع المستحيلات أن تنزل من أعلى البرج الشرقي ببيت جدها دون أن تكون قد قامت بتغيير ملابسها وتمشيط شعرها ، كانت تنافس حتى جدتها وزوجات جدها الأنيقات ذوات الجمال الطبيعي فكانت تأخذ من عطر جدتها خلسة من ذلك المندوس الذي تم تقسيمه للعطور والملابس وتراثيات من سعف النخيل يكنس بها الأرض وتستخدم بعضها كمروحة يدوية وقت الصيف ليدفع بها الحر الشديد ، ولحظة نزولها من الأعلى تشم رائحتها من على بعد أمتار فيعرف عاملون المنزل بأنها هي القادمة رغم صغر سنها ، فكان بعضهم حين يحب مشاكستها يقول : إني أشم رائحة ورس وبعض الأحيان يقول إني أشم رائحة مسك مخلط بزعفران وعنبرية ، فترتبك خوفا من كلامه حتى لا تسمعه جدتها فتعرف بأنها قامت بفتح المندوس ورغم كثرة الغمزات والحمحمات لهؤلاء العمال إلا أنهم مصرون على مشاكستها فلا ترى سوى إبتسامة جدتها لتسحب من فورها نفسا عميقا مبتسمة ببراءة الطفولة ظنا منها بأن جدتها قد إنطلت عليها تلك الحيلة رغم أن رائحة العطور كانت تملئ المكان فكبرت وأستمرت على نفس حالتها تلك ، فهي وإن كانت كبوصلة لكنها لا تتوه وسط الزحام لذلك تراها تقرأ رمل البحر وطين القرية ، فظلت حتى اليوم مكتسبة جرأة تفوق الخيال ، وثقة بالنفس ، وأناقة بالمظهر مزجتها بعطور باريسية غربية وثقافة شرقية بطابع عربي ،فكانت تجمع مع فكرها الشرقي فكرا غربي يجمع ما بين أصالة ومعاصرة ، ورغم أنها كبرت وارتبطت بأسرة وأولاد إلا أنها كانت ولا تزال من العناد الشديد الذي يجعلها حتى يومنا هذا تكره فيه لبس العباءة السوداء التي تلبسها النساء بالرأس والأكتاف مقتنعة بأن العباءة ما هي سوى دخيلة على المجتمع أتت فكرتها من شرق أفريقيا وتسمى البوي بوي ( Poi Boy AL)، ومن بعض بلدان الخليج العربي ، أما الجدات فكانت تلبس ما يسمى بالليسو قبل أن يرتدين العباءة ، فبقيت مقتنعة بأن اللباس الشرعي هو الذي لا يصف ولا يشف وأن العادات والتقاليد بعضها متطور يدخل عليه الحداثة بتغير الأزمنة والأمكنة ما لم يخالف الدين الإسلامي والفطرة التي فطر الله عليها كل مخلوق من مخلوقاته، فكانت حياتها بمثابة درس لا يحتمل التأويل إنها حتى يومنا هذا لم تستطع نسيان ذلك التلفاز الذي دخل بيت جدها المتعدد الأبراج ببرجيه الشرقي والغربي وكأن مخلوقا فضائيا قد نزل وبداخله مدينة من البشر تتحدث وتتكلم ، أما هي وبذاكرتها المحملة بقرطاس الزئبق ومداد الريحان كانت تشاهد المذيعات اللآتي لمعن في الساحة بتلك الحقبة فأحبت أن تقوم بتقليدهن ومراقبة قراءة النشرة الأخبارية وطريقة تصفيف شعرهن وتهذيب أظافرهن فأدركت أن المظهر والجوهر مرتبطان مع بعضهم لا يمكن أن ينفصلا ، كثيرا كانت تحب أن ترفع راسها إلى السماء لتطالع النجوم وتنظر إلى قلعة الفيقين الشامخة فأكسبها ذلك درسا طوال حياتها من بين تلك الدروس حب القيادة والتنافس الشريف ، كثيرا تحب الظهور على الساحة لذلك تجد حياتها مليئة بتخطيط إستراتيجي فهي لا تقدم على خطوة إلا وقد درستها ووضعت لها هدفا إستراتيجيا عاما تتفرع منه أهداف فرعية خاصة وترسم له سيناريوهات وبدائل مهما كلفها ذلك من خسارة فالتخطيط الجيد يعلمها الإستمرار في النجاح والصعود إلى أعلى القمة ، وفي غمرة من الزمن حملتها أقدار ها وكفوف والدها إلى صحار وتحديدا مزرعة بهجة الأنظار الذي كان يعمل بها والدها ساهرا الليل والنهار هناك ، فأتخذ من مزرعة جلالة السلطان قابوس حفظه الله تعالى دفترا من سجل الذكريات الجميل الذي يقبع على سمات الزمن لحظة عزف الوتر وإنسياب حفيف الشجر ، وأعتبرت هي نفسها في تلك الفترة بمثابة فرصة جميلة لتتعرف على بيئة أخرى بعاداتها وتقاليدها وجمال طبيعتها الساحر حيث يختلط رمل الساحل بأمواج البحر هناك ، فوضعت أدوات صيدها ما بين نافذة صحار ودروازة بوابة بهجة الأنظار ، لا تزال تذكر أول مرة وصلت فيها مزرعة بهجة الأنظار بصحار ، لحظة أن رأت فتاة شقراء ذات ملامح وردية ، وعيون خضر ، تتكلم خلاف لغتها الأم ، تعالى صراخها خوفا من ذلك المخلوق الذي رأته ، وفجأة إحتضنها والدها قائلا لها هذه هي إبنة جارنا موظف في المزرعة وإسمها كاتي ، نظرت كاتي إليها ومدت يدها ورحبت بها وقالت لها :
Hello,
My name is Katie? What's your name?
بدأت منذ ذلك اليوم تتعلم من كاتي اللغة الإنجليزية وتعلمها هي بالمقابل اللغة العربية ، فاستغلت وجود كاتي إلى جانبها في إكتساب لغة وثقافة أخرى غربية تضيفها مع لغتها الأم العربية ، ومع توالي الفصول بدأت رسائل حياتها مغلفا بالبيئة الساحلية الذي تعالى فيها صراخها مرتان خوفا حيث كان : الخوف في المرة الأولى سببه رؤية كاتي ( katy ) أما السبب الثاني فكان البرقع التي يلبسنه نساء الباطنة المتزوجات والذي يزين وجه الأنثى منهن محددا جمال العين حين تنظر إذا ما تجرأت ونظرت إليك لتصبح بعد ذلك أسير نظرة عين برقع بوقت كنت معتقدا نفسك فيه بأنك بلا إحساس كجبل صلب ، للأسف لم يكن خالد الفيصل قد قام حينها بتفصيل أغنية مطرزة بجواهر العربية لتلمع على الساحة بلسان فنان العرب محمد عبده في تلك الفترة من الوقت ليغنيها بصوت يرقص عليها حتى الحجر في مكانه وإلا لأخذ عليها الكاتب والمغني جائزة نوبل بقدر المليارات من الجماهير التي عشق البراقع لوقع الكلمة ووزن الحرف وعذوبة المعنى وسحر العينين وجاذبية الأنثى ورقتها حين سكنت بكل بيت وشارع من شوارع الوطن العربي وأسرت قلوب الرجال قبل النساء والذي يقول فيها :
ما هجيت إن البراقع يفتنني ** لين شفت ظبى النفود مبرقعاتي
الله أكبر يا عيون ناظرنّي** فاتناتٍ ناعساتٍ ساحراتي
كلمات سبقت اللحظة وعبرت عباب الذكرى في يومنا هذا حين تتذكر هي فيها ومعها بهجة الأنظار بصحار ، فتأخذها الذكرى لحظة قدوم الموكب السامي الميمون لمولانا جلالة السلطان المعظم حفظه الله تعالى ورعاه إلى صحار وهم يقفون مصطفين في شوق غامر لقدومه إليهم مصفقين بأيديهم وقد تعالت أصواتهم بالهتاف قائلين : يعيش جلالة السلطان قابوس المعظم ، فيمر موكب النور حاملا معه بشائر السعد الذي يقل فيه تلك الشمس الساطعة على الجوهرة اللآمعة عمان مولانا جلالة السلطان ، وما أن يمر الموكب الميمون حتى تشاهد من بعيد أوراق من العملات النقدية تتطاير بالبشرى من فيض كرم جلالته وجوده ، فيبدأ الصغير والكبير يتدافع ليأخذ نصيبه من تلك العملات والريالات العمانية ، ورغم إن هناك رسائل مصيرها الضياع إلا أن رسائل جنة منح وجنة بهجة الأنظار بصحار من المستحيل أن يشوبها الضياع ، فكم من الليالي سهرت أعين أحبة في مزرعة السلطان قابوس ببهجة الأنظارفطابت أحاديثها لدى المتسامرين ، وكما حفرت قلعة الفيقين عمق إسمها في ذاكرتها حفرت قلعة صحار عمقا آخر ، كمنعمة في غدير ريف يجري لحاظها تسترجع أنفاسها من الذكريات وهي زهرة من الأزهار تتدرب أمام الحصن إستعدادا لحفلة العيد الوطني ، ومنذ أن إرتدت ملابس الأزهار والمرشدات تمنت أن تكون ذكرا يلتحق بمدرسة ساندهيرست العسكرية لتخوض التدريب بكل جرأة ومخاطرة ، كثيرا قد جلست تحت شجرة السفرجل ممسكة بدفتر مذكراتها وقلمها تحلم ولو لمرة واحدة وهي تسكن في منزل من منازل مزرعة بهجة الأنظار تنتظر خروج الموكب السامي المقل لجلالة السلطان المعظم لتراها على أرض الواقع تصافحه وتسلم عليه ورغم ذلك كان قدرها لم يسعفها ، فبقيت رائحة شجرة السفرجل تعطر ذكرياتها في مزرعة بهجة الأنظار وهي كجنة عذبة رتعت فيها منذ نعومة أظفارها علاوة على أنها حصن يحمي جلالته والوفد المرافق له ، دخلت المدرسة بصحار وكانت معها الشقراء katyكاتي بالصف الأول ولكن كاتي لم تتكيف على البيئة المدرسية فعادت للدراسة بوطنها أما هي فبقيت كغصن شجرة يكبر وينمو والطموح والأهداف تقودها ليصبح لها شأنا عظيما ومكانة متميزة في وطنها الأم فعشقت المدرسة والتعليم واكتسحت من بين الصفوف الأنشطة المدرسية وتفوقت في تحصيلها الدراسي فكان والدها يذاكر لها دروسها بالمنزل وتمشي معه حتى دروازة بهجة الأنظار بصحار متخذة ركنا لها من أركان تلك الدروازة تستذكر فيها دروسها عين على الكراس وعين على الكتاب وهي تدعوا ربها أن يأتي الآن جلالة السلطان المعظم لتراه وهو يدخل تلك المزرعة الجميلة التي سهرت فيها أعين أحبة تناجت وتسامرت فسكنت بداخلها كسكن قصر في جنة عدن، وماتزال تذكر تلك الجنة الجميلة الوارفة الأزهار والظلال ذات الرياض الرائعة التي يحن لها القلب ويعشق ، والتي جنت من خلالها وهي يانعة جنى ثمار تلك المزرعة من السفرجل والرمان والتين ، واستنشقت من خلالها هوى نديا ساري مع رائحة زهر الورد المحمدي المزروع أمام البيت، ولا زالت تتذكر حتى اليوم تراب تلك المزرعة بهجة الأنظار لمولانا جلالة السلطان والذي رتعت على ثراها حين يطيب لها أن تمسك بخرطوم ماء تقلد المزارعين بها لتروي بعض شجيرات الورود أمام المنازل الصغيرة للعاملين هناك ، وبقيت ولا تزال اقدامها تقرأ الرمل بين جنتين جنة منح وجنة بهجة الأنظار بصحار . وهي تقول كما قال يزيد بن معاوية مختتمة حديثها : وقولوا لها : يا منية النفس إنني.. قتيل الهوى والعشق لو كنت تعلمي !
 
 بقلم : السهاد البوسعيدية